فصل: تفسير الآيات (2- 3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآية رقم (13):

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (13)}
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} يعني اليهود. وذلك أن ناسا من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود بأخبار المؤمنين ويواصلونهم فيصيبون بذلك من ثمارهم فنهوا عن ذلك. {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ} يعني اليهود قاله ابن زيد.
وقيل: هم المنافقون.
وقال الحسن: هم اليهود والنصارى. قال ابن مسعود: معناه أنهم تركوا العمل للآخرة وآثروا الدنيا.
وقيل: المعنى يئسوا من ثواب الآخرة، قاله مجاهد. ومعنى {كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ} أي الأحياء من الكفار. {مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ} أن يرجعوا إليهم، قاله الحسن وقتادة. قال ابن عرفة: وهم الذين قالوا: {وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية 24].
وقال مجاهد: المعنى كما يئس الكفار الذين في القبور أن يرجعوا إلى الدنيا.
وقيل: إن الله تعالى ختم السورة بما بدأها من ترك موالاة الكفار، وهى خطاب لحاطب بن أبي بلتعة وغيره. قال ابن عباس: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا أي لا توالوهم ولا تناصحوهم، رجع تعالى بطوله وفضله على حاطب بن أبي بلتعة. يريد أن كفار قريش قد يئسوا من خير الآخرة كما يئس الكفار المقبورون من حظ يكون لهم في الآخرة من رحمة الله تعالى.
وقال القاسم بن أبي بزة في قوله تعالى قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ قال: من مات من الكفار يئس من الخير. والله أعلم.

.سورة الصف:

سورة الصف مدنية في قول الجميع، فيما ذكر الماوردي. وقيل: إنها مكية، ذكره النحاس عن ابن عباس. وهي أربع عشرة آية.

.تفسير الآية رقم (1):

{سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)}
تقدم.

.تفسير الآيات (2- 3):

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (3)}
فيه خمس مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} روى الدارمي أبو محمد في مسنده أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: قعدنا نفر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله تعالى لعملناه، فأنزل الله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} حتى ختمها. قال عبد الله: فقرأها علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى ختمها. قال أبو سلمة: فقرأها علينا ابن سلام. قال يحيى: فقرأها علينا أبو سلمة وقرأها علينا يحيى وقرأها علينا الأوزاعي وقرأها علينا محمد.
وقال ابن عباس قال عبد الله بن رواحة: لو علمنا أحب الأعمال إلى الله لعملناه، فلما نزل الجهاد كرهوه.
وقال الكلبي: قال المؤمنون يا رسول الله، لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لسارعنا إليها، فنزلت: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ} [الصف: 10] فمكثوا زمانا يقولون: لو نعلم ما هي لاشتريناها بالأموال والأنفس والأهلين، فدلهم الله تعالى عليها بقول: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [الصف: 11] الآية. فابتلوا يوم أحد ففروا، فنزلت تعيرهم بترك الوفاء.
وقال محمد بن كعب: لما أخبر الله تعالى نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثواب شهداء بدر قالت الصحابة: اللهم أشهد! لئن لقينا قتالا لنفرغن فيه وسعنا، ففروا يوم أحد فعيرهم الله بذلك.
وقال قتادة والضحاك: نزلت في قوم كانوا يقولون نحن جاهدنا وأبلينا ولم يفعلوا.
وقال صهيب: كان رجل قد آذى المسلمين يوم بدر وأنكاهم فقتلته. فقال رجل يا نبي الله، إني قتلت فلانا، ففرح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك. فقال عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف: يا صهيب، أما أخبرت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنك قتلت فلانا! فإن فلانا انتحل قتله، فأخبره فقال: «أكذلك يا أبا يحيى»؟ قال نعم، والله يا رسول الله، فنزلت الآية في المنتحل.
وقال ابن زيد: نزلت في المنافقين، كانوا يقولون للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه: إن خرجتم وقاتلتم خرجنا معكم وقاتلنا، فلما خرجوا نكصوا عنهم وتخلفوا.
الثانية: هذه الآية توجب على كل من ألزم نفسه عملا فيه طاعة أن يفي بها.
وفي صحيح مسلم عن أبي موسى أنه بعث إلى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرءوا القرآن، فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم. وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة بـ براءة فأنسيتها، غير أني قد حفظت منها: «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب». وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها، غير أني حفظت منها: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة}. قال ابن العربي: وهذا كله ثابت في الدين. أما قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} فثابت في الدين لفظا ومعنى في هذه السورة. وأما قول: «شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة» فمعنى ثابت في الدين، فإن من التزم شيئا لزمه شرعا. والملتزم على قسمين: أحدهما: النذر، وهو على قسمين، نذر تقرب مبتدأ كقول: لله علي صلاة وصوم وصدقة، ونحوه من القرب. فهذا يلزم الوفاء به إجماعا. ونذر مباح وهو ما علق بشرط رغبة، كقوله: إن قدم غائبي فعلي صدقة، أو علق بشرط رهبة، كقوله: إن كفاني الله شر كذا فعلي صدقة. فاختلف العلماء فيه، فقال مالك وأبو حنيفة، يلزمه الوفاء به.
وقال الشافعي في أحد أقواله: إنه لا يلزمه الوفاء به. وعموم الآية حجة لنا، لأنها بمطلقها تتناول ذم من قال ما لا يفعله على أي وجه كان من مطلق أو مقيد بشرط. وقد قال أصحابه: إن النذر إنما يكون بما القصد منه القربة مما هو من جنس القربة. وهذا وإن كان من جنس القربة لكنه لم يقصد به القربة، وإنما قصد منع نفسه عن فعل أو الاقدام على فعل. قلنا: القرب الشرعية مشقات وكلف وإن كانت قربات. وهذا تكلف التزام هذه القربة بمشقة لجلب نفع أو دفع ضر، فلم يخرج عن سنن التكليف ولا زال عن قصد التقرب. قال ابن العربي: فإن كان المقول منه وعدا فلا يخلو أن يكون منوطا بسبب كقوله: إن تزوجت أعنتك بدينار، أو ابتعت حاجة كذا أعطيتك كذا. فهذا لازم إجماعا من الفقهاء. وإن كان وعدا مجردا فقيل يلزم بتعلقه. وتعلقوا بسبب الآية، فإنه روي أنهم كانوا يقولون: لو نعلم أي الأعمال أفضل أو أحب إلى الله لعملناه، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وهو حديث لا بأس به. وقد روي عن مجاهد أن عبد الله بن رواحة لما سمعها قال: لا أزال حبيسا في سبيل الله حتى أقتل. والصحيح عندي: أن الوعد يجب الوفاء به على كل حال إلا لعذر.
قلت: قال مالك: فأما العدة مثل أن يسأل الرجل الرجل أن يهب له الهبة فيقول له نعم ثم يبدو له ألا يفعل فما أرى ذلك يلزمه.
وقال ابن القاسم: إذا وعد الغرماء فقال: أشهدكم أني قد وهبت له من أن يؤدي إليكم، فإن هذا يلزمه. وأما أن يقول نعم أنا أفعل، ثم يبدو له، فلا أرى عليه ذلك. قلت: أي لا يقضي عليه بذلك، فأما في مكارم الأخلاق وحسن المروءة فنعم. وقد أثنى الله تعالى على من صدق وعده ووفى بنذره فقال: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا} [البقرة: 177]، وقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: 54] وقد تقدم بيانه.
الثالثة: قال النخعي: ثلاث آيات منعتني أن أقص على الناس: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44]، {وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88]، {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ}. وخرج أبو نعيم الحافظ من حديث مالك بن دينار عن ثمامة أن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أتيت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ولا يفعلون ويقرءون كتاب الله ولا يعملون». وعن بعض السلف أنه قيل له: حدثنا، فسكت. ثم قيل له: حدثنا. فقال: أترونني أن أقول ما لا أفعل فاستعجل مقت الله!.
الرابعة: قوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} استفهام على جهة الإنكار والتوبيخ، على أن يقول الإنسان عن نفسه من الخير ما لا يفعله. أما في الماضي فيكون كذبا، وأما في المستقبل فيكون خلفا، وكلاهما مذموم. وتأول سفيان بن عيينة قوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} أي لم تقولون ما ليس الامر فيه إليكم، فلا تدرون هل تفعلون أو لا تفعلون. فعلى هذا يكون الكلام محمولا على ظاهره في إنكار القول.
الخامسة: قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ} قد يحتج به في وجوب الوفاء في اللجاج والغضب على أحد قولي الشافعي. وأَنْ وقع بالابتداء وما قبلها الخبر، وكأنه قال: قولكم ما لا تفعلون مذموم، ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف. الكسائي: أَنْ في موضع رفع، لان كَبُرَ فعل بمنزلة بئس رجلا أخوك. ومَقْتاً نصب بالتمييز، المعنى كبر قولهم ما لا يفعلون مقتا.
وقيل: هو حال. والمقت والمقاتة مصدران، يقال: رجل مقيت وممقوت إذا لم يحبه الناس.

.تفسير الآية رقم (4):

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (4)}
فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} أي يصفون صفا: والمفعول مضمر، أي يصفون أنفسهم صفا. {كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ} قال الفراء: مرصوص بالرصاص.
وقال المبرد: هو من رصصت البناء إذا لاءمت بينه وقاربت حتى يصير كقطعة واحدة.
وقيل: هو من الرصيص وهو انضمام الأسنان بعضها إلى بعض. والتراص التلاصق، ومنه وتراصوا في الصف. ومعنى الآية: يحب من يثبت في الجهاد في سبيل الله ويلزم مكانه كثبوت البناء.
وقال سعيد بن جبير: هذا تعليم من الله تعالى للمؤمنين كيف يكونون عند قتال عدوهم.
الثانية: وقد استدل بعض أهل التأويل بهذا على أن قتال الراجل أفضل من قتال الفارس، لان الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة. المهدوي: وذلك غير مستقيم، لما جاء في فضل الفارس في الأجر والغنيمة. ولا يخرج الفرسان من معنى الآية، لان معناه الثبات.
الثالثة: لا يجوز الخروج عن الصف إلا لحاجة تعرض للإنسان، أو في رسالة يرسلها الامام، أو في منفعة تظهر في المقام، كفرصة تنتهز ولا خلاف فيها.
وفي الخروج عن الصف للمبارزة خلاف على قولين أحدهما: أنه لا بأس بذلك إرهابا للعدو، وطلبا للشهادة وتحريضا على القتال.
وقال أصحابنا: لا يبرز أحد طالبا لذلك، لان فيه رياء وخروجا إلى ما نهى الله عنه من لقاء العدو. وإنما تكون المبارزة إذا طلبها الكافر، كما كانت في حروب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر وفي غزوة خيبر، وعليه درج السلف. وقد مضى القول مستوفى في هذا في البقرة عند قوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].

.تفسير الآية رقم (5):

{وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (5)}
قوله تعالى: {وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ} لما ذكر أمر الجهاد بين أن موسى وعيسى أمرا بالتوحيد وجاهدا في سبيل الله، وحل العقاب بمن خالفهما، أي واذكر لقومك يا محمد هذه القصة. قوله تعالى: {يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي} وذلك حين رموه بالادرة، حسب ما تقدم في آخر سورة الأحزاب. ومن الأذى ما ذكر في قصة قارون: إنه دس إلى امرأة تدعي على موسى الفجور. ومن الأذى قولهم: {اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138]. وقولهم: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا} [المائدة: 24]. وقولهم: إنك قتلت هارون. وقد تقدم هذا. {وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} والرسول يحترم ويعظم. ودخلت قَدْ على تَعْلَمُونَ للتأكيد، كأنه قال: وتعلمون علما يقينا لا شبهة لكم فيه. {فَلَمَّا زاغُوا} أي مالوا عن الحق {أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} أي أمالها عن الهدى.
وقيل: فَلَمَّا زاغُوا عن الطاعة أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ عن الهداية.
وقيل: فَلَمَّا زاغُوا عن الايمان أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ عن الثواب.
وقيل: أي لما تركوا ما أمروا به من احترام الرسول عليه السلام وطاعة الرب، خلق الله الضلالة في قلوبهم عقوبة لهم على فعلهم.